متى تعتبر الانتخابات ذات مصداقية؟

تعتبر الانتخابات ذات مصداقية عندما تتّسم بالشمولية، والشفافية، والمساءلة، والتنافسية.[1]

UN Photo, Tim McKulka

الانتخابات الشاملة هي تلك التي تمنح جميع المواطنين المؤهّلين فرصاً متكافئة للمشاركة كناخبين في اختيار ممثّليهم، وكمرشّحين للفوز بمناصب الحكم. لا شكّ أنّ هذا الحق في المشاركة هو مفهوم واسع وعام، لا يمكن إلاّ أن يخضع لقيود منطقية ينصّ عليها القانون. أما السلطات فيتعيّن عليها أن تتخذ الإجراءات اللازمة لتقييم وإزالة أي عوائق تعرقل مشاركة جميع المواطنين. تشمل تلك الإجراءات تبديد العقبات التي تقف في وجه المواطنين المهمّشين عادةً، كالأقليات العرقية أو الدينية أو اللغوية؛ النساء، الشباب، أو المسنّين؛ أو الأشخاص ذوي الإعاقة. لذلك، من الضروري أن تكون القيود المفروضة على حقّ المشاركة محصورة، ومرتبطة مثلاً بالسنّ القانونية للاقتراع أو الترشّح للانتخابات.

تعتبر الانتخابات شفّافة عندما يخضع كل إجراء من إجراءاتها للتدقيق، ويتحقّق أصحاب الشأن بكل استقلالية مما إذا كانت العملية الانتخابية جرت بنزاهة ودقّة. يرتبط مبدأ الشفافية بالحقّ الأساسي لكل فرد بطلب وتلقّي ونقل المعلومات (التي تشكّل عناصر حرية التعبير)، وكذلك بحقّه بالمشاركة في الحكم وإدارة الشؤون العامة[2]. من الضروري أن توضع عملية صنع القرارات موضع تدقيق، على أن يحظى المواطنون بفرصة كافية لإبداء ملاحظاتهم وآرائهم حولها. ومن الضروري أيضاً أن توضع المعلومات المتعلقة بكل مراحل الدورة الانتخابية في متناول المواطنين، بمن فيهم الناخبون والمرشحون. فضلاً عن ذلك، يجب الاستعانة بمراقبين معتمدين، أمحايدين كانوا أم حزبيين، لمواكبة العملية الانتخابية بجميع مراحلها، وأن يُسمَح لهم بالتعليق علناً على مجرياتها، من دون الخضوع لأي قيود غير مقبولة.

يشير مبدأ المساءلة في الانتخابات إلى حقّ المواطنين في مراقبة مسلكية الأطراف المعنيين بالشأن الانتخابي، بمن فيهم المسؤولون في الحكومات، وهيئات إدارة الانتخابات، والأحزاب السياسية، والقوى الأمنية. فالانتخابات هي آلية أساسية تتيح للمواطنين إخضاع مؤسسات الحكم للمساءلة، لكنّ المساءلة لا تقف عند هذا الحدّ بل يجب أن تنسحب أيضاً على الإجراءات الانتخابية بذاتها. لا بدّ أيضاً من اعتماد السبل الفعّالة لمواجهة كل انتهاك للحقوق الانتخابية، وإخضاع الأطراف القيّمين على تنظيم الانتخابات ومختلف الأنشطة الحكومية المرتبطة بها للمساءلة الإدارية. فضلاً عن ذلك، يجب اتخاذ الإجراءات المناسبة من أجل محاسبة كل من يرتكب أعمالاً جرمية تمسّ بالحقوق الانتخابية.

تتميّز الانتخابات بطابع تنافسي عندما يحظى المواطنون بفرص متكافئة وعادلة لخوض المعركة الانتخابية بهدف الفوز بمناصب في الحكم. فالمنافسة السياسية هي ركن أساسي في الانتخابات التي تعكس حقاً إرادة الشعب، عدا عن أنّ مبدأ التنافسية يحيط بكل جوانب الانتخابات على امتداد الدورة الانتخابية. لا بدّ من أن يسمح الإطار القانوني للمواطنين بالتجمّع وتسجيل الأحزاب السياسية لتمثيل مصالحهم، وتوفير إمكانية الترشّح للأحزاب و/أو المرشحين، وتمكين الأحزاب والمرشحين من تنظيم الحملات الانتخابية، وفي المقابل الناخبين من الإدلاء بأصواتهم من دون التعرّض لأي ضغوط غير مشروعة، أو لأعمال الترهيب والعنف.


  1. للتوسّع في مناقشة تلك المفاهيم، الرجاء الاطّلاع على القسم الثاني من تعزيز الأطر القانونية لانتخابات ديمقراطية: دليل المعهد الديمقراطي الوطني لإعداد القوانين الانتخابية، 2008، وهي واردة أيضاً في الفصل الأول من مبادئ الانتخابات الدولية: الديمقراطية وحكم القانون (ج. ه. يونغ، نقابة المحامين الأميركيين، 2009). ↩︎

  2. باتريك مارلو "حقوق الإنسان – أسس الشمولية والشفافية والمساءلة والثقة العامة في الانتخابات" ضمن المبادئ الدولية: الديمقراطية وحكم القانون (من تأليف ج. ه. يونغ، نقابة المحامين الأميركيين، 2009)، ص. 3، 18-20. ↩︎